زماننا الوحيد

المقاله تحت باب  في السياسة
في 
29/09/2007 06:00 AM
GMT



تملك الأمم الحية ثلاثة ازمنة كاملة: الحاضر والمستقبل والماضي ـ وهي متسلسلة هنا بحسب أهميتها عندهم ـ .. وهم يداخلون مابين حاضرهم ومستقبلهم. اي انهم مستمرون على الانجاز (الآن)؛ فهم يبنون ويصنعون ويخترعون ويكتشفون ـ من دون توقف ـ من أجل اليوم والغد، على السواء، وتلك هي فلسفة الناس الاحياء في اوروبا واميركا وفي (يابان) آسيا و(صين) آسيا..
وهم يملكون ازمنتهم الثلاثة (على الارض) فماضيهم موجود وحاضر لكن. في الكتب وفي المتاحف الكبرى وفي الارشيف الدقيق.. مع انه ماض قابل للحياة (الآن). وهو حي ينبض: فمسرحيات اسخيلوس وشكسبير وموسيقى بيتهوفن وموتسارت ولوحات بوتشللي ودافنشي وفلسفة سقراط وارسطو.. ماتزال حية قابلة للاستعادة او للاستمتاع بها والاستفادة منها على الرغم من انها مسجلة على ذمة تاريخهم ـ الذي لايقولون عنه انه (تليد)! ـ وكذلك هي اساطيرهم.
اما نحن ـ ياولداه! ـ فلقد اكتفينا من ازمنة الله بزمن وحيد اوحد، هو زمن اجدادنا وماضيهم (الزاهر) ـ على الرغم من الشكوك التي تحيط (بازهراره!) ـ فنحن لانبني، منذ ثمانية قرون، ولانصنع ولانخترع ـ حتى وان كنا نستطيع ـ ولماذا نتعب انفسنا، وفقهاؤنا يقولون لنا ان “كل شيء الى زوال!” و “اين القصور من عهد عاد؟!” ثم ان الحياة على الارض هي الحياة (الدنيا) ـ من التدني او الدناءة! ـ والحياة الحقيقية هي التي (هناك).. في السماء!
ثم ان اولئك (الكفار) قد سخرهم الله لكي يصنعوا لنا كل شيء، من الابرة الى العباءة الايطالية (المارينو) الى اليشماغ الفرنسي (بروجيه) الى العقال، نزولاً الى سراويلنا الداخلية وسراويل (ماجداتنا)!.. ثم صعوداً الى وسائط النقل من الدراجة الى السيارة الى القطار فالطائرة وتلك كلها يجمعها اخوتنا الاصوليون الطالبانيون تحت كلمة قبيحة هي (الركوبة!) اما نحن فما علينا، حين نهم (بامتطاء) الطائرة مثلاً الا ان نقرأ (دعاء الركوب!) لكي يعصمنا الله تعالى من حوادث السير، وكأنه ـ سبحانه ـ يخشى على صنفنا المنقرض من الانقراض!.
ولأن ماضينا (التليد) هو زماننا الوحيد من بين ازمنة الله ـ ياولداه ! ـ فالنتيجة هي ان يتسيد علينا الان رجال الكهوف من عصور ماقبل اكتشاف النار، الذين لايستحون من خروجهم من التاريخ ومن قائمة الامم، بل هم يهددون العالم الحي الجميل بالدمار، حالمين بان يرفعوا راية الاسلام ـ فوق قصر “بكنغهام”! ، ليس من خلال العلم والفن والحضارة والجمال، بل من خلال التفجير والانتحار... غافلين عن ان الاسلام الصحيح لم يصل الى اوروبا الا من خلال “الف ليلة وليلة” ومن خلال فلسفة (ابن رشد) وابن طفيل والزهراوي.. وليس من خلال فتاوى (القرضاوي)!..
سائلين الله تعالى ان يحشر (بن لادن) يوم القيامة، بحسب الحروف الابجدية، مع (بن غوريون)! انه سميع مجيب!.